زيارة من صديق عزيز، وحديث عن الوطن
يقولون أن الطيور على أشكالها تقع، وأنك إذا أردت أن تعرف شخصا، فلا بد من أن تتعرف على أصدقائه. زارني اليوم صديق عزيز. صديق، لم أره منذ سنوات، وإن كنا على اتصال دائم عن طريق التليفون. عندما سمعت طرقات الباب، كدت أن أنادي اسمه، لأن له طرقات مميزة أتذكرها رغم أنني لم أسمعها من سنوات، ولكنني شككت في الأمر وذهبت لفتح الباب، فإذا بي أجد نفسي وجها لوجه أمام صديقي هذا. بعد الأحضان، والسؤال عن الصحة والأحوال، تكلمنا قليلا عن أخبارنا الشخصية، وأحوالنا العائليه، ثم ما لبث الحديث أن انتقل بنا إلى أحوال البلد بشكل عام. صديقي هذا متابع مستمر لكتاباتي المتعدده، وهو أيضا على دراية بمُعَلَّقَتي هذه، مصر... الجديدة، التي أنشر بها بعض مقالاتي. سألني صديقي سؤالا مباشرا، لماذا كل هذا الغياب عن التعليق؟ وما الذي دفعك الآن للعودة للكتابة في المُعَلَّقَة؟
قلت لصديقي، أنت تعلم بالطبع أنني توقفت منذ مارس 2007 عن التعليق، وأن تعليقة "رسالة إلى سيادة الرئيس" منذ أسبوع هي أول تعليقة لي منذ ذلك التاريخ في هذه المُعَلَّقَة. وها أنت تتسائل، كما تسائل غيرك من القراء، عن سبب غيابي عن التعليق كل هذه المدة، والسبب الذي دعاني للعودة للتعليق الآن. الواقع يا عزيزي أن الأحداث المختلفة على الساحة السياسية والاجتماعية والأمنية في مصر خلال العامين :الماضيين هي ما دفعني للتوقف للتعليق، وهي أيضا ما دفعني للعودة للتعليق! سأذكر لك مثالين إثنين
المثال الأول: لعلك تذكر إدعاءات التحرش الجنسي الجماعي في مصر، والمحاولات الفاشلة لعدد قليل من العاطلين لتأليف ونشر شائعات كاذبة عن حدوث حالات تحرش في شوارع القاهرة أيام الأعياد. لقد تمكنا من الرد على هؤلاء الأشخاص ونشر الدلائل على كذب إدعائاتهم، وقد أدرك الشعب المصري الأهداف المنحرفة لهؤلاء العاطلين، والذين بكل أسف، إستخدموا ما يطلق عليه "المدونات" لنشر تلك الأكاذيب، ولكن المُعَلَّقَات والصحافة ووسائل الإعلام الوطنية كانت لهم بالمرصاد، ولم تمض أيام حتى ظهرت الحقائق وسكتت الأقلام الكاذبة.
أما المثال الثاني، فهي تلك المظاهرات المعارضة للوطن التي يقوم بها بعض بسطاء العقول ومن يحرضهم عليها من أصحاب المدونات الساقطة وأعضاء الجماعات الغير شرعية. تلك المظاهرات التي يعترض فيها هؤلاء العاطلين على مسيرة الإصلاح والتقدم والديموقراطية في مصر، ويطالبون بالفوضى والخراب، ويعملون لصالح أجندات خارجية مشبوهة. ويصحب تلك التظاهرات العنيفة بالطبع تدمير الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل للمرور ومصالح المواطنين، والاعتداء على رجال الشرطة، ولافتات خليعة الألفاظ تبرز أهدافهم وتوجهاتهم.
والمفارقة بالطبع هي أن الدور الرئيسي لأجهزة الأمن في تلك الأحداث هو حماية هؤلاء العاطلين من غضب المصريين الوطنيين، حيث أن الشعب المصري معروف بحبه للوطن ودفاعه عنه، ودائما ما تحاول الجماهير أن تتصدى لهؤلاء العاطلين، فتقوم قوات الأمن بحمايتهم والفصل بين الطرفين قبل تصاعد الموقف، رغم مايقوم به هؤلاء المتظاهرون من اعتداء على قوات الشرطة
لماذا إذا توقفت عن التعليق؟ لقد توقفت عن التعليق يا عزيزي لأنني قد رأيت الشعب المصري يدرك جيدا أبعاد تلك المؤامرة بل ويتصدى لها بنفسه على الانترنت وفي الشوارع. كما أنني كمراقب محايد للوضع، أستطيع أن أرى بوضوح أن مسيرة الإصلاح لم ولن تتوقف، وأن حفنة المخربين لن تؤثر على إرادة الشعب أوحكومته المنتخبة.
أما لماذا عدت؟ لقد عدت للتعليق الآن لأكون جزءا معبرا عن إرادة الوطن والشعب، ومساهما بقلمي في تلك المسيرة العظيمة. إن مصر اليوم بقيادة الرئيس حسني مبارك، ومعه كافة قيادات الدولة والحزب الوطني الديموقراطي، تستكمل مسيرة الإصلاح الشامل، وتستمر في التطور والتطوير في كافة المجالات، وتتجه بثبات نحو النهضة الشاملة للوطن وشعبه، ولن تكون هناك قوة في العالم قادرة على إيقاف هذه المسيرة أو حتى إبطائها، وقد أردت أن أكون جزءا بسيطا من كل هذا.
لو نظرت جيدا لما يحدث في مصر اليوم، لوجدت أن الشعب المصري لم ولن تنطلي عليه كل الحيل والأكاذيب المدعومة من الخارج. إن هناك ثقة واضحة في القيادة السياسية للدولة، وإيمان كامل بمباديء الحرية والديموقراطية وسيادة القانون، وتعاون بين الشعب ومختلف الجهات الحكومية والوطنية للعمل على رفع شأن الوطن.
إن مصر اليوم ليس بها حاكم ومحكوم، أو زعيم وأتباع، أو حفنة من الأفراد في برج عاجي بعيدا عن مشاكل الوطن، بل إن الدولة بأكملها أصبحت كالسفينة، تمضي في البحر بثقة وثبات، ويعمل كل من عليها كفريق واحد، ويعلم الجميع أن أي مشكلة تواجه فرد واحد قد تؤثر على الفريق بأكمله، وأن ما يهدد جزء من السفينة يهدد السفينة بأكملها.
شكرت صديقي على زيارته لي، ووعدني بأن يكون متابعا مستمرا لمُعَلَّقَة مصر...الجديدة،، ودعاني أن أزوره في بيته قريبا.