مبارك يمنح وسام الاستحقاق لأبو زيد، ومستقبل مشرق للعلاقات المصرية الأمريكية
لقد كان الخبر هو أن الرئيس حسني مبارك، وهو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، قد قرر أن يمنح وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى للجنرال جون أبو زيد، قائد القيادة المركزية الأمريكية، وذلك تقديرا لدوره المتميز في تطوير العلاقات العسكرية المصرية الأمريكية. وقد قام المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بتقليد الجنرال جون أبو زيد ذلك الوسام الرفيع. الخبر بالكامل يمكن الاطلاع عليه في هذه الوصلة
http://www.elakhbar.org.eg/issues/17108/0700.html
والواقع أنني قد أصابني ما يشبه الصدمة حينما سمعت هذا الخبر، وكدت ألا أصدقه إلا عندما قرأته بنفسي، وقد يتصور أحدهم أن سبب صدمتي هو اعتراضي لسبب أو لآخر على هذه الخطوة المهمة، أو رفضي لتكريم قائد عسكري مثل الجنرال أبو زيد، ولكن هذا بالطبع ليس بصحيح. لقد كان السبب في صدمتي هو أن فكرة تكريم الجنرال أبو زيد كانت أول ما خطر على بالي منذ عدة أسابيع عندما سمعت أن ذلك الجنرال المخضرم قد قرر أن يتقاعد، فقد تسائلت يومها، لماذا لا تكرم مصر الجنرال أبو زيد، وهو قائد شهد له الجميع بالذكاء والقدرة على التخطيط، وبعد النظر والذكاء الاستراتيجي، كما أن له أصول لبنانية، مما يدل على إيمانه بالدور الذي يلعبه في منطقة الشرق الأوسط والعالم. كل هذا بالإضافة لدوره في العلاقات العسكرية الممتازة التي تربط بين مصر والولايات المتحدة.
إن دور الجنرال أبو زيد في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لا يمكن إنكاره، فقد ساهم في تنفيذ سياسات مطابقة لسياسات مصر في المنطقة والعالم. على سبيل المثال، كان لأبو زيد دور أساسي في القضاء على الديكتاتورية في العراق ونشر الديموقراطية في تلك الدولة الشقيقة، كما أنه قد ساهم في التأكد من عدم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. وقد كان لأبو زيد أيضا دور حيوي في الحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق بشكل خاص، ومنطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام.
إن كل هذه السياسات التي ساهم أبو زيد في تنفيذها هي سياسات مطابقة تماما لسياسات مصر، فإن مصر دولة من أهم الدول المعادية للديكتاتورية في المنطقة، ونشر الديموقراطية هو هدف أساسي لمصر على المستويين الداخلي والخارجي، ولعل التعديلات الدستورية المتوقعة قريبا هي أكبر دليل على هذا التوجه. كما أن مصر لها موقف قوي ضد أسلحة الدمار الشامل، وقد سمعنا جميعا الرئيس مبارك في أكثر من مناسبة وهو يدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. أما بالنسبة للحرب على الإرهاب، فإن مصر هي من أوائل الدول في العالم التي عانت من الإرهاب وحاربته، بداية باغتيال الرئيس السادات عام 1981، مرورا بالعمليات الإرهابية العديدة التي وقعت في مصر في فترة الثمانينات والتسعينات، وانتهاء بالتفجيرات الارهابية في السنوات القليلة الماضية، وهي أحداث يقوم بها أعداء الوطن بالداخل، وقد كان الرئيس مبارك يدعو منذ أوائل التسعينات إلى عقد مؤتمر دولي لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه، ولو كان قادة العالم قد استمعوا إليه وقتها، لتجنب العالم الأحداث السوداء التي وقعت في السنوات القليلة الماضية، وعلى رأسها العمليات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر، والعديد من العمليات المشابهة في أنحاء العالم.
إنني كلما سمعت إسم الجنرال أبو زيد أو رأيت صورته في نشرات الأخبار، تذكرت الرئيس مبارك في فترة حرب أكتوبر، والانتصارات الساحقة التي حققها، ثم اختياره نائبا لرئيس الجمهورية، ثم توليه منصب رئاسة الجمهورية، والدور المنقطع النظير الذي لعبه في تاريخ مصر المعاصر. في اعتقادي أن الجنرال جون أبو زيد سيكون له دور مماثل في تاريخ الولايات المتحدة، ولا أستبعد أن ينخرط في العمل السياسي وأن يعلو نجمه حتى يصبح أعظم شأنا من السيد رالف نادر، السياسي الأمريكي المعروف ذو الأصول اللبنانية أيضا، بل ولا أستبعد أن يصبح أبو زيد في يوم من الأيام أول رئيس أمريكي من أصل لبناني، وعندها، سيتذكر الجميع الرئيس حسني مبارك وتكريمه للجنرال أبو زيد، وسيتأكد الجميع من بعد نظر الرئيس مبارك، ورؤيته الثاقبة، وقدرته على الحكم على الشخصيات المختلفة وأدوارها المستقبلية الهامة.
إن هذا التكريم هو جزء من استراتيجية مرسومة بعناية وبدقة من قبل قيادات الدولة وعلى رأسهم الرئيس مبارك، فهم جميعا يحرصون على مستقبل مصر، وعلى علاقاتها المتميزة بدول العالم، ويضعون في حسبانهم جميع الاحتمالات والمواقف الممكنة، ويصدرون قراراتهم بناء على معطيات مدروسة في مناخ شفاف ومنفتح، وتحت مظلة من الخبرة اللا محدودة.
وقد يكون هذا التكريم في حد ذاته من مصر والرئيس مبارك هو الدفعة التي يحتاجها أبو زيد للانطلاق نحو مستقبل مشرق له ولبلاده، بل وللعالم بأكمله.
من هو الجنرال جون أبو زيد؟
الجنرال ابي زيد هو حفيد مهاجرين لبنانيين إلى الولايات المتحدة، وهو يتحدث العربية بطلاقة، ويقول انه يحب العالم العربي. وقد هاجر اجداده الى الولايات المتحدة من قرية مليخ في قضاء جزين في جنوب لبنان عام 1915. ويبلغ ابي زيد الثامنة والخمسين من العمر، وهو أب لثلاثة أطفال. وقد جمع في حياته ما بين العمل العسكري والإنجاز العلمي.
ويدافع أبو زيد عن تدريب الجنود على حفظ السلام بالإضافة إلى القيام بالعمل العسكري. وقد درس في الجامعة الأردنية، ويحمل درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسطية من جامعة هارفارد، ودرس أيضا في الأكاديمية العسكرية في ويست بوينت، التي تخرج منها في يونيو 1973، ودخل الخدمة العسكرية كملازم ثاني ليبدأ حياته العسكرية بالفرقة الثانية والثمانين المحمولة جواً بفورت براغ، بكارولينا الشمالية.
تولى أبو زيد قيادة فرقة المشاة الأولى، والفوج 504 للمشاة والمظليين والقائد السادس والستين للأكاديمية العسكرية الأميركية، وقد أمضى في السلك العسكري 34 عاما ، وعمل في العراق وكوسوفو وفي البوسنا، وعمل أيضا كضابط عمليات تابع للأمم المتحدة في لبنان، وعمل كمساعد لرئيس هيئة الأركان المشتركة، قبل أن يتم تعيينه كقائد للقيادة المركزية المشتركة في 2003، وكانت آخر مهمة له هي الحرب في العراق.